فصل: (الأعلى: الآيات 6- 7)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن زنجلة:

87- سورة الأعلى:
{والذي قدر فهدى}
قرأ الكسائي {والذي قدر فهدى} بالتخفيف وقرأ الباقون بالتشديد المعنى قدر خلقه فهدى كل مخلوق إلى مصلحته ويقال هدى الذكر لمأتى الأنثى من سائر الحيوان وحجتهم قوله: {وخلق كل شيء فقدره تقديرا} وقد أجمعوا على تشديد هذا فرد ما اختلفوا فيه إلى أما أجمعوا عليه أولى.
{بل تؤثرون الحياة الدنيا 16}
قرأ أبو عمرو {بل يؤثرون} بالياء وحجته قوله: {ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى} 12، 11 أي بل يؤثر وقرأ الباقون {بل تؤثرون} بالتاء أي بل أنتم تؤثرون وحجتهم أن في قراءة أبي؛ {بل أنتم تؤثرون}. اهـ.

.فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة:

.قال في الجدول في إعراب القرآن الكريم:

سورة الأعلى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[الأعلى: الآيات 1- 5]

{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعلى (1) الَّذي خلق فسوى (2) وَالَّذي قدر فهدى (3) وَالَّذي أَخْرَجَ المرعى (4) فَجَعَلَهُ غُثاءً أحوى (5)}

.الإعراب:

{اسم} مفعول به منصوب، {الأعلى} نعت لـ: {ربّك} مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدرة {الذي} موصول في محلّ جرّ نعت ثان لـ: {ربّك}، والموصولان الآتيان معطوفان على الأول في محلّ جرّ {غثاء} مفعول به ثان منصوب {أحوى} نعت لـ: {غثاء} منصوب..
جملة: {سبّح...} لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: {خلق...} لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: {سوّى...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {خلق}.
وجملة: {قدر...} لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) الثاني.
وجملة: {هدى...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {قدر}.
وجملة: {أخرج...} لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) الثالث.
وجملة: {جعله...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {أخرج}.

.الصرف:

(5) {أحوى}: صفة مشبّهة من حوي يحوى باب فرح بمعنى اسودّ مع اخضرار.. وفي القاموس: الحوّة بالضم سواد إلى خضرة أو حمرة إلى سواد، وحوي حوى كرضي، ووزن {أحوى} أفعل مؤنّثه حوّاء والجمع حوّ بضمّ الحاء وتشديد الواو.

.[الأعلى: الآيات 6- 7]

{سنقرئك فَلا تنسى (6) إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يخفى (7)}.

.الإعراب:

(السين) للاستقبال (الفاء) عاطفة (لا) نافية، ومفعول {تنسى} محذوف أي لا تنسى ما تقرؤه {إلّا} للاستثناء {ما} موصول في محلّ نصب على الاستثناء و{ما} الثاني في محلّ نصب معطوف على {الجهر}..
جملة: {سنقرئك...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {لا تنسى...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {سنقرئك}.
وجملة: {شاء اللّه...} لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة: {إنّه يعلم...} لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {يعلم...} في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {يخفى} لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.

.الصرف:

{تنسى}، فيه إعلال بالقلب، أصله تنسي بياء متحرّكة في آخره. تحرّكت الياء بعد فتح قلبت ألفا.
{يخفى}، فيه إعلال بالقلب، أصله يخفي بياء متحرّكة في آخره، تحرّكت الياء بعد فتح قلبت ألفا.

.[الأعلى: الآيات 8- 13]

{وَنُيسركَ لليسرى (8) فذكر إِنْ نَفَعَتِ الذكرى (9) سَيذكر مَنْ يخشى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الأشقى (11) الَّذي يَصْلَى النَّارَ الكبرى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها ولا يحيى (13)}.

.الإعراب:

(الواو) عاطفة {لليسرى} متعلق بـ: {نيسرك}، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر {نفعت} ماض في محلّ جزم فعل الشرط، وحرّكت التاء بالكسر لالتقاء الساكنين (السين) للاستقبال (من) موصول في محلّ رفع فاعل {الذي} في محلّ رفع نعت للأشقى {ثمّ} للعطف {لا} نافية في الموضعين..
جملة: {نيسرك...} لا محلّ لها معطوفة على جملة نقرئك.
وجملة: {ذكّر...} في محلّ جزم جواب شرط مقدر أي إن نفعت الذكرى من يتذكّر فذكر...
وجملة: {نفعت الذكرى...} لا محلّ لها تفسير للشرط المقدر..
وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله..
وجملة: {سيذكر من يخشى...} لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {يخشى...} لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة: {يتجنّبها...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {سيذكر}..
وجملة: {يصلى...} لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: {لا يموت...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {يصلى}.
وجملة: {لا يحيا} لا محلّ لها معطوفة على جملة {لا يموت}.

.الصرف:

(8) {اليسرى}: مؤنّث الأيسر بمعنى الأسهل، وهو اسم تفضيل من اليسر، وزن اليسرى فعلى بالضمّ.
(10) {الأشقى}: اسم تفضيل من الشقاء، وزنه أفعل، وفيه إعلال بالقلب أصله الأشقي، تحرّكت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا.
(13) {يحيا}: الألف رسمت طويلة لأنها ليست علما وسبقت بياء، وقد رسمت في المصحف بياء غير منقوطة.

.[الأعلى: الآيات 14- 15]

{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تزكى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فصلى (15)}.

.الإعراب:

{قد} حرف تحقيق {من} موصول في محلّ رفع فاعل (الواو) عاطفة وكذلك (الفاء).
جملة: {أفلح من تزكى...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {تزكى...} لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة: {ذكر...} لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: {صلّى...} لا محلّ لها معطوفة على جملة ذكر.

.[الأعلى: الآيات 16- 17]

{بَلْ تؤثرون الْحَياةَ الدنيا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وأبقى (17)}.

.الإعراب:

{بل} للإضراب الانتقاليّ عن مقدر أي أنتم لا تفعلون ذلك بل تؤثرون.. (الواو) حاليّة..
جملة: {تؤثرون...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {الآخرة خير...} في محلّ نصب حال.

.[الأعلى: الآيات 18- 19]

{إِنَّ هذا لَفِي الصحف الأولى (18) صُحُفِ إبراهيم وموسى (19)}.

.الإعراب:

(اللام) المزحلقة للتوكيد (في الصحف) متعلق بخبر إنّ {صحف} بدل من {الصحف} مجرور.
جملة: {إنّ هذا لفي الصحف} لا محلّ لها استئنافيّة.

.الفوائد:

- بعض ما في صحف إبراهيم وموسى عليهما الصلاة والسلام:
عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: «دخلت المسجد، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: إن للمسجد تحية، فقلت: وما تحيته يا رسول الله؟ قال: ركعتان تركعهما، قلت: يا رسول اللّه، هل أنزل اللّه عليك شيئا مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال: يا أبا ذر، اقرأ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تزكى. وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فصلى. بَلْ تؤثرون الْحَياةَ الدنيا. وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وأبقى. إِنَّ هذا لَفِي الصحف الأولى. صُحُفِ إبراهيم وموسى} قلت: يا رسول اللّه، فما كانت صحف موسى؟ قال: كانت عبرا كلها: عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح! عجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك! عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها في أهلها كيف يطمئن! عجبت لمن أيقن بالقدر ثم ينصب! عجبت لمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل!». أخرج هذا الحديث رزين في كتابه، وذكره ابن الأثير في كتابه جامع الأصول.
وأورد النسفي قوله: وفي صحف إبراهيم: ينبغي للعاقل أن يكون حافظا للسانه، عارفا بزمانه، مقبلا على شانه. اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

87 سورة الأعلى:
مكيّة.
وآياتها تسع عشرة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[الأعلى: الآيات 1- 19]

{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعلى (1) الَّذي خلق فسوى (2) وَالَّذي قدر فهدى (3) وَالَّذي أَخْرَجَ المرعى (4) فَجَعَلَهُ غُثاءً أحوى (5) سنقرئك فَلا تنسى (6) إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يخفى (7) وَنُيسركَ لليسرى (8) فذكر إِنْ نَفَعَتِ الذكرى (9) سَيذكر مَنْ يخشى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الأشقى (11) الَّذي يَصْلَى النَّارَ الكبرى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها ولا يحيى (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تزكى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فصلى (15) بَلْ تؤثرون الْحَياةَ الدنيا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وأبقى (17) إِنَّ هذا لَفِي الصحف الأولى (18) صُحُفِ إبراهيم وموسى (19)}

.اللغة:

{غُثاءً} في القاموس: الغثاء كغراب وكزنار: القمش والزبد والهالك البالي من ورق الشجر.
وفيه أيضًا: القمش جمع قماش وهو ما على وجه الأرض من فتات الأشياء حتى يقال لرذالة الناس قماش وما أعطاني إلا قماشا أي أردأ ما وجده.
وفي المصباح: غثاء السيل حميله وغثا الوادي غثوّا من باب قعد امتلأ من الغثاء وغثت نفسه تغثى غثيا من باب رمى وغثيانا وهو اضطرابها حتى تكاد تتقيأ من خلط ينصب إلى فم المعدة.
{أحوى} الأحوى أفعل من الحوة وهي سواد يضرب إلى خضرة وقيل الأحوى خضرة عليها سواد والأحوى الظبي لأن في ظهره خطين ويقال رجل أحوى وامرأة حواء وجمعها حو نحو أحمر وحمر، وفي القاموس الحوة بالضم سواد إلى الخضرة أو حمرة إلى السواد وحوي كرضي حوى.
وقال ابن جني: والحوة حمرة تضرب إلى السواد وتكون في الشفة والعرب تستحب ذلك.
قال ذو الرمة:
لمياء في شفتيها حوّة لعس ** وفي اللّثات وفي أنيابها شنب

صفراء في نعج بيضاء في دعج ** كأنها فضة قد مسّها ذهب

وأنشد أبو عبيدة لذي الرمّة أيضًا في المرعى الأحوى:
حوّاء قرحاء أشراطيّة وكفت ** فيها الذهاب وحفتها البراعيم

والقرحاء: البيضاء يقال للغرة القرحة وأشراطية مطرت بنوء الشّرطين والذهاب بكسر الذال المطر الخفيف والبراعيم جمع برعومة وهي الوردة قبل أن تتفتح ويقال لها الكم والجمع أكمام.

.الإعراب:

{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعلى} {سبّح} فعل أمر أي نزّه وقد تقدم وفاعله مستتر تقديره أنت و{اسم ربك} مفعوله، وجعله الجلال مقحما على حدّ قول لبيد:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ** ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر

ولا داعي لهذا التكلف فإن التنزيه يقع على الاسم أي نزّه اسم ربك عن أن يسمي به صنم أو وثن فيقال له رب أو إله. و{الأعلى} صفة لـ: {ربك}، وأجاز ابن هشام أن يكون صفة لـ: {اسم}.
{الَّذي خلق فسوى} {الذي} صفة ثآنية للرب وجملة {خلق} صلة ومفعول {خلق} محذوف أي كل شيء والفاء عاطفة وسوّى عطف على {خلق} والمراد بالتسوية أنه خلق ما أراد على أتم وجه وأكمله ووفق نظام موصوف بالإحكام والإتقان مبرأ من الشوائب والاختلال.
{وَالَّذي قدر فهدى} عطف أيضًا منسوق على ما تقدم.
{وَالَّذي أَخْرَجَ المرعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أحوى} عطف على ما قبله أيضًا وجملة {أخرج} صلة {الذي} و{المرعى} مفعول به، فجعله عطف على {أخرج} والهاء مفعول به أول و{غثاء} مفعول به ثان و{أحوى} صفة لـ: {غثاء} لكن يشكل أن الغثاء هو اليابس والحوة خضرة دائمة فيتناقضان فالأولى أن يعرب {أحوى} حالا من {المرعى} أي أخرجه أحوى أسود من شدّة الخضرة فجعله غثاء بعد حوّته.
وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون {أحوى} حالا من {المرعى} أي أخرجه من المرعى أسود من شدة الخضرة والريّ فجعله غثاء بعد حوّته.
وقال أبو البقاء: قوله تعالى: {أحوى} قيل هو نعت لـ: {غثاء} وقيل هو حال من {المرعى} أي أخرج المرعى أخضر ثم صيّره غثاء فقدم بعض الصلة.
وقال أبو حيان: والظاهر أن {أحوى} صفة لـ: {غثاء}، قال ابن عباس المعنى فجعله غثاء أحوى أي أسود لأن الغثاء إذا قدم وأصابته الأمطار اسودّ وتعفّن فصار أحوى، وقيل {أحوى} حال من {المرعى أي} أخرج المرعى أحوى أي للسواد من شدّة خضرته ونضارته لكثرة ريّه، وحسن تأخير أحوى لأجل الفواصل قال:
وغيث من الوسمي حوّ تلاعه ** تبطنته بشيظم صلّتان

وقال ابن خالويه في كتابه: (إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم): {فجعله غثاء أحوى} أي جعل اللّه المرعى أحوى والأحوى شديد الخضرة يضرب إلى السواد لريّه ثم صيّره غثاء بعد ما يبس فمعناه تقديم وتأخير.
وقال ابن هشام في كتابه المغني في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها: الرابع عشر قول بعضهم في {أحوى} إنه صفة لغثاء وهذا ليس بصحيح على الإطلاق بل إذا فسّر الأحوى بالأسود من الجفاف واليبس وأما إذا فسّر بالأسود من شدّة الخضرة لكثرة الريّ كما فسّر {مدهامتان} فجعله صفة لـ: {غثاء} كجعل {قيما} صفة لـ: {عوجا} وإنما الواجب أن تكون حالا من {المرعى} وآخر لتناسب الفواصل.
ولعمري لقد حسم الخلاف فيما قرره {سنقرئك فَلا تنسى} السين حرف استقبال ونقرئك فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره نحن والكاف مفعول به والفاء حرف عطف ولا نافية و{تنسى} فعل مضارع مرفوع.
وعبارة أبي السعود: {سنقرئك فلا تنسى}: بيان لهداية اللّه تعالى الخاصة برسوله صلى الله عليه وسلم إثر بيان هداية اللّه العامة لكافة مخلوقاته وهي هدايته عليه السلام لتلقي الوحي وحفظ القرآن وهدايته للناس أجمعين، والسين إما للتأكيد وإما لأن المراد إقراء ما أوحى اللّه إليه حينئذ وما سيوحي إليه بعد ذلك فهو وعد باستمرار الوحي في ضمن الوعد بالإقراء أي سنقرئك ما نوحي إليك وفيما بعده على لسان جبريل أو سنجعلك قارئا بإلهام القراءة فلا تنسى أصلا من قسوة الحفظ والإتقان مع أنك أمي لا تدري ما الكتابة وما القراءة فيكون ذلك آية أخرى لك مع ما في تضاعيف ما تقرؤه من الآيات البيّنات من حيث الإعجاز ومن حيث الإخبار بالمغيّبات.
والفاء عاطفة ولا نافية، أخبر اللّه تعالى نبيّه أنه لا ينسى، و{تنسى} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف وقيل لا ناهية و{تنسى} فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف حرف العلة ثم أتي بالألف دعامة لفتح السين ليوافق رؤوس الآي كقوله: {السبيلا}.
وقد أحسن أبو حيان عندما شجب هذا الوجه قال وهذا قول ضعيف ومفهوم الآية في غاية الظهور وقد تعسفوا في فهمها.
{إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يخفى} {إلا} أداة حصر و{ما} مفعول {تنسى} والاستثناء مفرّغ من أعمّ المفاعيل وجملة {شاء اللّه} صلة {ما} وجملة إن وما في حيّزها تعليل لما قبله وإن واسمها وجملة {يعلم} خبرها و{الجهر} مفعول به والواو حرف عطف و{ما} موصولة منسوقة على الجهر وجملة {يخفى} صلة، قال السمين: ولا يجوز أن تكون مصدرية لئلا يلزم خلو الفعل من فاعل ولولا ذلك لكان كونها مصدرية أحسن ليعطف مصدر مؤول على مثله صريح.
{وَنُيسركَ لليسرى فذكر إِنْ نَفَعَتِ الذكرى} الواو حرف عطف و{نيسرك} عطف على {سنقرئك} وهو فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره نحن والكاف مفعول به و{لليسرى} متعلقان بـ: {نيسرك} أي للشريعة الإسلامية السمحاء والفاء الفصيحة أي إن علمت أنك من أرباب الفيوضات الكمالية بهدايتنا وتوفيقنا {فذكر}، و{إن} شرطية و{نفعت} فعل ماض في محل جزم فعل الشرط و{الذكرى} فاعل وفي {إن} معنى الاستبعاد كأنما هو واثق من عدم جنوحهم إلى الهدى وإصرارهم على ركوب متن الشطط وجواب إن محذوف دلّ عليه ما قبله.
وللزمخشري سؤال لطيف وإجابة ألطف قال: فإن قلت: كان الرسول صلى الله عليه وسلم مأمورا بالذكرى نفعت أو لم تنفع فما معنى اشتراط النفع؟
قلت: هو على وجهين: أحدهما أن رسول اللّه قد استفرغ مجهوده في تذكيرهم وما كانوا يزيدون على زيادة الذكرى إلا عتوّا وطغيانا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتلظى حسرة وتلهفا ويزداد وجدا في تذكيرهم وحرصا عليه فقيل له: وما أنت عليهم بجبّار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد، وأعرض عنهم وقل سلام، وذكّر إن نفعت الذكرى، وذلك بعد إلزام الحجة بتكرير التذكير، والثاني أن يكون ظاهره شرطا ومعناه ذمّا للمذكرين وإخبارا عن حالهم واستبعادا لتأثير الذكرى فيهم وتسجيلا عليهم بالطبع على قلوبهم كما تقول للواعظ غظّ المكّاسين إن سمعوا منك قاصدا بهذا الشرط استبعاد ذلك وأنه لن يكون.
أما ابن خالويه فبعد أن أورد الوجه الذي أوردناه قال: ويقول آخرون: إن بمعنى قد أي فذكر قد نفعت الذكرى وهو بعيد جدا ولا يليق بأسلوب القرآن الافتراض والمجازفة.
أما أبو حيان فقد قال: والظاهر أن أمره بالتذكير مشروط بنفع الذكرى وهذا الشرط إنما جيء به توبيخا لقريش أي إن نفعت الذكرى في هؤلاء الطغاة العتاة ومعناه استبعاد انتفاعهم بالذكرى فهو كما قال الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيّا ** ولكن لا حياة لمن تنادي

وقال الفراء والنحّاس والزهراوي والجرجاني: معناه وإن لم تنفع فاقتصر على القسم الواحد لدلالته على الثاني.
{سَيذكر مَنْ يخشى وَيَتَجَنَّبُهَا الأشقى الَّذي يَصْلَى النَّارَ الكبرى ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها ولا يحيى} السين حرف استقبال ويذكر فعل مضارع مرفوع و{من} موصول فاعل وجملة {يخشى} صلة لا محل لها {ويتجنبها} منسوق على {سيذكر} والهاء مفعول به والضمير يعود على {الذكرى} و{الأشقى} فاعل.
قال ابن خالويه: يقال زيد الأشقى والمرأة الشقيا مثل الأعلى والعليا ويقال: كلّم الأشقى الشقيا وكلم الأشقيان الشقيين وكلم الأشقون الأشقين وكلمت الشقييات الشقييات.
و{الذي} نعت لـ: {الأشقى} وجملة {يصلّى} لا محل لها لأنها صلة {الذي} وفاعل {يصلّى} مستتر يعود على {الأشقى} و{النار} مفعول به و{الكبرى} نعت لـ: {النار} و{ثم} حرف عطف للترتيب مع التراخي و{لا} نافية و{يموت} فعل مضارع مرفوع و{فيها} متعلقان بـ: {يموت}، {ولا يحيا} عطف على {لا يموت} ومعنى التراخي أن الترجح بين الحياة والموت أشدّ هولا من الصلي فهو متراخ عنه في مراتب الشدة ومن يمت يسترح أما هؤلاء فلا هم أموات فيستريحوا ولا هم أحياء فيجدوا متنفسا من العذاب.
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تزكى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فصلى} {قد} حرف تحقيق و{أفلح} فعل ماض و{من} فاعل وجملة {تزكى} أي تطهر لا محل لها لأنها صلة من {وذكر} عطف على تزكى و{اسم ربه} مفعول به، {فصلى} عطف على ذكّر.
{بَلْ تؤثرون الْحَياةَ الدنيا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وأبقى} إضراب عن مقدر ينساق إليه الكلام والتقدير أنتم لا تفعلون ما فيه صلاح أمركم بل تؤثرون، و{تؤثرون} فعل مضارع مرفوع والواو فاعل و{الحياة} مفعول به و{الدنيا} نعت للحياة والمراد بإيثار الحياة الدنيا الركون إليها والاغترار بزخارفها واستجلاء أفاويقها، والواو حالية و{الآخرة} مبتدأ و{خير} خبر {وأبقى} عطف على {خير} ففيها لذات الدنيا وما لا يتصور العقل من زيادة عليها ولها بعد ذلك صفة الديمومة والخلود.
{إِنَّ هذا لَفِي الصحف الأولى صُحُفِ إبراهيم وموسى} {إن} حرف مشبه بالفعل و{هذا} اسمها والإشارة إلى إفلاح من تزكى وما تلاه من كلام، واللام المزحلقة وفي الصحف خبر إن و{الأولى} نعت لـ: {الصحف} و{صحف إبراهيم وموسى} بدل من {الصحف}.